gegee ..::زبون كينج::..
عدد الرسائل : 738 تاريخ التسجيل : 20/03/2007
| موضوع: بين العاطفه والمنهج السبت يونيو 16, 2007 3:23 pm | |
| بين العاطفة والمنهج
شهدت الفترة الأخيرة انتشاراً واسـعـاً لـلدعوة السلفية خاصة بعد سقوط الأقنعة ، وإفلاس منطق الزيف ، وتهافت كثيرا من أصحاب الشعارات النفعية الذين جروا الشباب من نكسة إلى أخرى ، فلم يجد فيهم الشباب الشبع الديني الذي يبحثون عنه ، وانخرط في صفوف المنهج السلفي عدد كبير من الناس على شتى الـمـسـتويات العلمية والثقافية ، وظهرت آثار هذه الدعوة المباركة في كل مكان بحمد الله وفضله.
وبـدأ هــذا الـمـد يـتـنـامى بـصــورة مذهلة ونجحت الدعوة السلفية في كسب الشباب وتحريكهم لتبني الدعوة الإسلامية .. ولـكـن مــاذا بـعـد ذلـك..؟! · هـل استطاعت الدعوة السلفية احتواء هذه الألوف من المنتمين إليها؟!
· هل استطاعت أن تنتقل بهم من المرحلة العاطفية إلى مرحلة أكثر نضوجاً وعمقاً ؟!
· هل قدمت المناهج الشرعية ، والبرامج العلمية لتربية هذه الأجيال ؟!
للأسف الشديد استطاعت الدعوة السلفية في العالم الإسلامي أن تنتج رجالاً صالحين في أنفسهم... لكنها لم تنجح النجاح الذي نتطلع إليه في إنتاج رجال ناضجين عاملين ، يسعون بكل عزة لإنقاذ الأمة من كبوتها . ولا شك فـي أن الشـعـوب في منطقتنا الإسلامية محبة للإسلام بفطرتها ، وتستجيب استجابة عاطفية سريعة للـنـداءات الـمـخـلـصـة مـن رجـالات الـدعـوة . لكن العاطفة وحدها لا يمكن أن تبني الأمم أو تحرر الشعوب .
وإن اعتماد الدعوة الإسلامية على عاطفة الجماهير وحدها سوف يؤدي مع مرور الوقت إلى ضمور هذه العاطفة وتآكـلـها ، حتى إذا أردناها لم نجدها... !! ولعل في تاريخ الدعوة الإسلامية المعاصرة ما يؤكد ذلك .
إذا فالعاطفة هي بداية الطريق وليست نهايته.. العاطفة الإسلامية هي المنطلق الذي تنطلق مـنـه الدعوات... ثم يتبع ذلك عملية أكثر تعقيداً وصعوبة ، وأكثر أهمية وخطورة . وهي مرحلة التربية والإعداد..
مرحلة بلورة الفكر المنهجي لأبناء المسلمين بعيداً عن العشوائية والارتـجــال ، وبعيداً عن التقليد لشيخ أو العبودية لحزب...
مرحلة ترشيد هذه النفوس المؤمنة بخـطـط علمـيـة مدروسة ، ومناهج شرعيه مؤصلة ، تقودهم إلى فهمٍ واعٍ موضوعي بأصــول الإســلام ومـنـابعه الكريمة، مبرأة من الآراء والتصورات البشرية، وخـالـيـة مـن الفلسفات والنِّحَل المادية، وتقــدم لـهـا أيضاً رؤية واضحة ناضجة لواقع الأمة الإسلامية بخلفياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسبيل النهوض بها . من مشكلات الدعوة السلفية..أنها لا تتحرك وفق استراتيجيات ثابتة ومحكمة، تستشرف فيها آفاق الـمـسـتـقـبـل . بـل لا زالـت تنطـلـق بوحي من الخطب الحماسية والأطروحات الوعظية ... ولا تتجاوزهــا إلـى غـيـرهـا . وأنا لا أنكر أهمية ذلك..لكن لا يجوز الاقتصار عليها، لأنها سوف تولد مع مرور الوقت أجـيـالاً هشة، ليس لها القدرة على الوقوف أمام الشبهات والفتن التي تحيط بها من كل جـانـب، خـاصـة فـي العـصر الذي اختلطت فيه الثقافات ، وكشر الأعداء فيه عن أنيابهم .
لـيـس ضـعـف أمـتـنـا بـسـبـب قـلة عددنا ، ولكن بسبب الغثائية التي أنهكتها وأصبحت تخدعنا عند الأزمات. وصدق في حقـنـا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة" . وكما قال الشاعر :
يُثقلون الأرض من كثرتهم ثمَّ لا يُغنون في أمر جـلل
إن ضعفنا بسبب التمزق الفكري والعبث المنهجي الذي نتخبط فيه ، حتى أصبحت معالم هويتنا هلامية باهتة في كثير من جوانبها لا نكاد نميزها على الاطلاق .
وإن غياب المنهج الشرعي الأصيل، وفقدان الضوابط العلمية ، واضطراب المقاييس الشرعية ؛ تؤدي حتماً إلى خلل فكري يحــول طاقاتنا إلى طاقات مبعثرة هزيلة ، تنتهي بالأمة إلى الحيرة والقلق . والنجاح الحقيقي - الذي تشرئب له الأعـنـاق، وتتطـلـع لــه الأفئدة - مستحـيـل بدون بذل غاية الجهد لتأصيل العقلية المسلمة تأصيلاً سلفيًا متكاملاً، لتـرتفــع بهمومـهــا وتطـلـعـاتها إلى مستوى المرحلة التي تعيشها الأمة . والدعوة السلفية مطالبة بأن تجعل ذلك من أولويات البناء الذي تقوم به . ومعلوم أن هذا لن يتم في يوم وليلة ، كما أن رجــلاً واحداً لن يستطيع القيام به وحده . بل يحتاج الأمر إلى جهود علمية كبيرة ، ودراسات تربوية مستفيضة.
والمسؤولون عن الدعوة السلفية ليسوا أفرادًا
مهما بلغت منازلهم ، فدين الله ليس حكراً على أحد ، ولكنه بحث عــام يساهم فيه جميع المؤمنين ، وكل واحد منا له قيمته في دفع عجلة المسيرة الإسلامية ، لكـنـه يكتسب قيمته الحقيقية حينما يُسخر كل ملكاته وقدراته في خدمة مبدئه ، ويفجر كل الإمكـانـات الـكـامـنـة في نفسه ليطوعها في مجالات الإبداع والعطاء لخدمة هذا الدين الحنيف .
علينا أن نفكر في أنفسنا جيداً ، وسوف نجد أننا
بقليل من الحزم ، وقليل من الطموح ، وكثير من الإخلاص ..
نستطيع أن ننجز أعمالاً عظيمة ما كنا نتوقعها . والمهم أن نبدأ.. أن نبدأ بروح واثقة وعزيمة صادقة ، وسوف نكتشف في أنفسنا أشياءً كثيرة لم نكن نعرفها . وسنخطيء كثيراً ، لكننا سنستفيد من أخطائنا ، وعندها نجد أن الأبواب بدت مشرعة أمامنا تدعونا لمزيد من البذل والتضحية..
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} | |
|