لملمت بقايا شجاعتها ونهضت وهى تجاهد أن تنظر إليه ثم قالت له فى برود مصطنع ..
" أنا مش ها سمح لنفسي أني أغلط مرة ثانية وار جعلك ... سلام "
وتناولت حقيبتها وفتحتها فأخرجت بعض النقود ووضعت حساب ما شربته وانطلقت مسرعة لتخرج من المكان وتختفي عن ناظره تماماً .
ثم أوقفت أول سيارة أجرة مرت بها و قفزت بها... وما أن ابتعدت السيارة عن الكافتيريا حتى أطلقت من فمها زفرة ارتياح تعلن بها نجاحها فى المقاومة .
وبدأت تسترجع كل ما مر بها من الماضي بآلامه وعذابه ، ومر أمام عينها وكأنه شريط سينما يعرض لها كل الأحداث ، منذ أول مرة رأته فيها فى الجامعة كان شاباً وسيماً و الجميع يحبه ويفضله عن سائر الزملاء لبساطته وخفة ظله ، كان ذلك فى أول أيام النصف الثاني من الدراسة – رأته وسط مجموعة من الزملاء المختلطين يضحك ويطلق النكات عليهم ودعاها أحد الزملاء القلائل الذين تعرفت عليهم لتشاركهم وقتهم فاقتربت أكثر منه واستمعت إليه فأعجبت بشخصيته التى تهيمن على الجميع و بروحه الصاخبه التي تعم المكان .
أما هو فظل يوجه ويطلق نظراته نحوها كثيراً ، جذبته إليها بكلماتها وجُملها القليلة ولكن الهادفة .
وتكرر اللقاء كثيراً ولكن وسط الجميع وفى أحد الأيام وأثناء إحدى المحاضرات وجدته يجلس بجانبها ويقول لها فى صوت خافت " أنا معجب بكى جداً " .
فوجدت نفسها تهمس بإعجابها به أيضاً دون خجل أو حياء واتفقا سوياً على أن يتقابلا
بعد انتهاء المحاضرة ثم تركها وحدها لأفكارها وظلت بطول زمن المحاضرة تفكر فيه وفيما قاله لها ونسيت الدرس والشرح والدنيا من حولها وانطلقت نحو القمر لترسى فوقه قواعد الحب والعشق .
وتكرر اللقاء بينهما وحديهما بعيداً عن أعين الآخرين ، ومر الوقت بهما كطيف سحاب وانتهت الدراسة تماماً وتخرجوا جميعاً ، وبعد شهر من التخرج طلب يدها من والدها معلناً استمرار هذا الحب الأبدي وتزوجا سريعاً بسبب ثراء والده الذى يسر أمامهم كل العقبات واستمرت السعادة الزوجية مدة عام , ثم .... تغير كل شئ وتحول الحلم الجميل إلى كابوس بشع دون سبب أو عذر .
لقد بدأ يخونها مع فتيات مختلفات ، كان فى كل يوم مع فتاة جديدة ، فى بادئ الأمر ظنت أن الأمر لا يتعدى مستوى الإشاعات والتى كثيراً ما تلاحق الأزواج السعداء حتى يوماً أتاها والدها وأخذ فى سؤالها عن حقيقة هذا الأمر ولكنها أنكرت هذا الأمر تماماً ، حتى كان يوماً ذهبت إليه فى مكتبه لتزوره وفتحت بابه فجأة فوجدت شفتاه تقترب من شفتا امرأة فلم تتمالك أعصابها وأخذت فى الصياح والتهليل حتى صفعها على خدها – الذى كثيراً ما كانت ترسم شفتيه عليه لوحة رائعة – ثم طردها من المكتب بعد أن طلقها معلناً النهاية ثم مر أسبوعان و وجدته يأتي إليها عند والدها طالباً ان تسامحه ووافقت على العودة إليه ظناً منها أنها قد تستطيع أن تصلحه وتصنع منه الزوج المثالي بحبها له معتقدة أنه فى حاجة إليها لتقف بجانبه .
ولم يمر عام حتى وجدته فوق فراشها مع امرأة أخرى ، وقد استغل سفرها عند أختها ظناً منه أنها ستغيب كثيراً ولكنها فاجأته بنفسها بعد يوم واحد .
وفى تلك المرة علت ثورة القلب وطفأت لهيب العشق وصممت هى على الطلاق ونفذ ما طلبته منه بعد أن هددته بالفضيحة وعاد ثانية يطلب الغفران ولكنها كانت أقوى من حبها فصدته وطلب مقابلتها بالخارج ولبت طلبه فأخذ يكلمها عن حبهم وعن أيام السعادة التى قضياها سوياً وبعد أن أنهى كلامه تماماً قالت كلماتها التى تعلن بها عن وصولها للطابق الأرضي بعد صعود وهبوط .