كيف تتوضأ من النور
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون ( 6 سورة المائدة )
في حوار بين و صديقي أراد أن يوضح أهمية إخلاص النية لله في الوضوء فسألني كيف تتوضأ
ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت : كما تتوضأ أن .
قال في نبرة جادة : أما هذه فلا . لأني أحسب أن وضوئي على شاكلة أخرى غير شاكلة ( أكثر ) الناس .
قلت على الفور : فصلاتك باطلة يا حبيبي .
فسكت وقال : يبدو أنك ذهبت بعيداً بعيدا .
أنا أعني ، أنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة علمني إياها شيخي- فأجد للوضوء متعة ، ومع المتعة حلاوة ، وفي الحلاوة جمال ، وخلال الجمال سمو ورفعة ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها .
وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي .. فلم يمهلني حتى أسأل وواصل الحديث
أسوق بين يديك حديثين شريفين فتأمل كلمات النبي صلي الله عليه وسلم الراقية السامية
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن- فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه، خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًا من الذنوب" ((رواه مسلم)).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما منكم من أحد يتوضا فيبلغ-أو فيسبغ الوضوء- ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" ((رواه مسلم)).
وزاد الترمذي: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"
لو أنك تأملت هذين الحديثين جيداً ، فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة
قلت له جزاك الله عني خيرا
والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى .. إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ، ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية .
قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور
وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ، تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ، تصقل بها قلبك عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة .
المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء الوضوء وأنت تسبغ الوضوء علي أعضاءك .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" ((رواه مسلم)).
قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة .
أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء نور على نور
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله عز وجل بها درجة وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد * ( صحيح ) _ أخرجه البخاري ومسلم .
عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه * ( حسن )
أنك بهذه الكلمات قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ، ما كان يخطر لي على بال ، وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .
منذ ذلك اليوم .. كلما هممت أن أتوضأ ، سرعان ما أستحضر كلمات صاحبي ، فأجدني في حالة روحية رائعة وأنا أغسل أعضائي بالنور لا بالماء .
يا لله كم من سنوات ضاعت من حياتي ، وأنا بعيد عن هذه المعاني السماوية الخالصة .
لو وجد الناس دفقة من هذه المعاني السماوية تنصب في قلوبهم ، لوجدوا أنسا ومتعة وجمالا وصقلا واضحا لقلوبهم أثناء عملية غسل أعضائهم بهذا النور الخالص .
اللهم جاز عني صاحبي خير ما جازيت داعية عن جموع من دعاهم إليك
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صنع إليه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء". رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
والحديث السابق يفتح لنا طريق الهدي والهداية اللهم اجعلنا متبعين سنة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم نعبد الله علي بصيرة