حكاية حزينة لفتاة مسكينة شاءت إرادة الله أن تبتليها بمرض
مزمن قاست منها و تألمت كثيرا مع مرور الزمن أنها حكاية الفتاة مها حكاية حكى و روى عنها الزمن بكت معها الأطيار و ناحت أغصان الأشجار مها فتاة جميلة في عمر الزهور وكما قلنا بسبب إصابتها بهذا المرض المزمن و الذي لازمها منذ أيام طفولتها منذ أن كانت طفلة جميلة بريئة تريد أن تمرح و تلعب و تلهو و تغرد كالأطيار كأقرانها من الأطفال ألا يحق له ذلك ؟
فهي منذ أن أصيبت بهذا المرض و هي لا تستطيع أن تحي حياة طبيعية كبقية الخلق و إن كان لها ذلك فيكون تحت مراقبة الأطباء وعلقم الأدوية و كبرت مها و كبر معها مرضها و أصبحت شابة جميلة فهي إلى جانب جمالها كانت تتمتع بالأخلاق العالية و التمسك بالدين و الفضائل و بالرغم من مرضها فكانت حريصة على تلقي العلم و الدراسة من منهل العلوم الذي لا ينضب بالرغم مما كان يصيبها أحيانا بل غالبا من نوبات المرض الحادة التي كانت تقعدها طريحة الفراش لأيام طويلة و مع مرور الأيام شاءت الأقدار أن تجمعها مع شاب خلوق كان قد رآها في المستشفى عندما كانت هناك لتلقي العلاج في إحدى المرات و بالرغم مما سمعه عن مرضها و خطورته الا أنه أحبها منذ الوهلة الأولى التي رآها فيها و قام بالتقدم لخطبتها بسرعة فهي لا ينقصها شيء إلا الصحة و إن كانت أهم شيء و لكن لماذا ؟ ألا يحق لها أن تحب و تتزوج و تنجب أطفالا يملئون حياتها حبا و سعادة كالأخريات ؟ و هكذا مرت الأيام و الشهور و كشفت لها عن مدى حب هذا الشاب و إخلاصه لها فهو قد أعطاها كل ما تريده من حب ومودة و رحمة و دعم مادي لتواصل علاجها في أحسن مستشفيات العالم و الأهم من ذلك الدعم المعنوي فقد وقف بجانبها و خفف عنها كثيرا حقا يا له من شاب صالح قلما أن نجد أمثاله في هذا الزمن و دارت دائرة الأيام بسرعة و بدأت الاستعدادات لحفل الزفاف و الانتقال لمنزل الزوجية فقد وعدها خطيبها بحفل أشبه بليلة من ليالي ألف ليله و ليله و قبل موعد الزفاف بأيام ذهبت مها مع خطيبها لمشاهدة فستان الزفاف الذي كان لا يزال عند محل الخياطة كان الفستان معلقا في واجهة المحل و قد كان آية في الجمال و الذوق الرفيع لا أحد يعلم ماذا كان شعور نون عندما رأته كان قلبها يرفرف كجناح طائر أبيض بوده أن يحتضن السماء و الأفق الرحب كانت فرحة جدا ليس بسبب الفستان بل كانت سعيدة بأجمل لحظات الحياة التي سوف تلتقيها بعد أيام قصيرة كانت تشعر في قراره نفسها بأن الحياة بدأت تضحك لها و أنها بدأت ترى الجانب المشرق منها ارتدت مها الفستان الأبيض لتجربه فظهرت به كالملاك الأبيض الجميل فقد كان عليها رائعا وجمالها البريء قد زاده روعة و حسنا و بهاء سوف تكونين أجمل عروس رأيتها في حياتي يا عزيزتي هكذا قال لها خطيبها عندما رآها بالفستان فابتسمت مها ابتسامة عريضة وردت عليه قائلة : بل سأكون أسعد عروس في الدنيا لأنها ارتبطت بشاب مثلك و مع أن الفستان كان رائعا إلا انه كان بحاجة لتعديل بسيط فتركته مها عند محل الخياطة و اتفقت مع صاحبة المحل أن تعود له في اليوم التالي إلا أن صاحبة المحل اعتذرت بلطف ووعدتها بأن الفستان سيكون جاهزا و على أحسن ما يرام بعد ثلاثة أيام أي بالتحديد في يوم الزفاف صباحا و مرت الأيام الثلاثة بسرعة جدا وجاء يوم الزفاف اليوم المنتظر استيقظت مها منذ الصباح الباكر فهي أصلا لم تنم في تلك الليلة كانت الفرحة لا تسعها فهي الليلة سوف تزف إلى أحسن شباب الخلق اتصل بها خطيبها و أخبرها انه سوف يذهب بعد نصف ساعة لمحل الخياطة لإحضار الفستان لترتديه و تجربه مرة أخرى حتى تتأكد من ضبطه
و ذهب خطيبها بسرعة لمحل الخياطة كان يقود سيارته بسرعة جدا كان يسابق الريح من فرحته و سعادته بهذه المناسبة التي هي أغلى و أثمن مناسبة لديه بالتأكيد و لدى مها كذلك و فجأة و بسبب سرعته القوية انحرف في مساره عن الطريق و انقلبت به السيارة عدة مرات
و في الوقت الذي كانت فيه سيارة الإسعاف تقله للمستشفى و لكن بعد فوات الأوان فمشيئة الله فوق كل شيء فقد كان قد فارق الحياة
كان جرس الهاتف يرن في محل الخياطة كانوا يسألون عنه فأخبرتهم صاحبة المحل بأنه لم يأت بعد فقد تأخر لم يطلبوه ليسألوه عن سبب تأخره في إحضار الفستان لكنهم طلبوه ليخبروه بأن مها قد انتابتها نوبة المرض المفاجئة و نقلت على إثرها المستشفى بسرعة و لكن المرض هذه المرة لم يمهل نون كثيرا فكان رحيما بها كان لا يريدها أن تتألم وتقاسي وتعاني أكثر مما عانته طوال فترة حياتها القصيرة
فبعد دقائق من ذلك جاءهم نبأ وفاة ابنهم الشاب من المستشفى و بعده بلحظات نبأ وفاة مها على اثر هذه النوبة و هكذا بكت السماء حزنا عليهما وذبلت الأزهار وماتت وغردت الطيور حزنا و شجونا عليهما و تحولت ليلة ألف ليله و ليله إلى ليلة أحزان و نواح إلى ليلة غابت عنها الأفراح و ظل الفستان معلقا على واجهة المحل لم يلبس و لن يلبس إلى الأبد و أصبح يحكي قصة مها الحزينة لكل من يراه ويسأل عن صاحبته.
(منقولة)